الشهرة ..هي أروع ما في الحياة..
الشهرة تمنحك طاقة لا تنضب.. وتغدق عليك كماً من الأحاسيس "اللذيذة" التي لا تنتهي..
ولا يهم ما يقوله الناس عنها..خطيب الجمعة يذم حب الشهرة وطالب العلم الشرعي يحرضك على العمل في الخفاء وينصحك أبوك بالبعد عن الأضواء وتخشى عليك أمك من الافتتان بكلام الناس..
لا يهم.. كلامهم لا يقدم ولا يؤخر.. لأنك تريدها..
وأنا أدرك قدرها عندك، لذا أهديك هذه القائمة من النصائح، لعلها أن تسهل عليك طريقك إلى الشهرة..
أولاً: كن مهووساً بما يسمى التميز
يعاني مجتمعنا من عدد من "العاهات" النفسية وليس يهمنا تشخيصها ولا معالجتها، بل يهمنا الاستفادة منها، ومن أبرزها حب التميز إلى حد مخجل أحيانا، فإن أردت الشهرة فكن مميزاً.. تملك رقم هاتف كله أصفار أو ثلثاه متسلسل أو متشابه.. أو احصل على لوحة لسيارتك مجموع حروفها كلمة مميزة ولو كانت "ق ن ف ذ".. أو البس ثوباً لونه أحمر والصق عليه من الخلف صورة "بطريق" وهو يضحك.. أو اجتهد لتسجل اسمك في عالم الأرقام القياسية، وتذكر أن فرصتك تزيد كلما كان الأمر سخيفا، فكن أول من يأكل "كبسة" بقدمه اليسرى، أو كن أسرع عداء يقطع المسافة من خرخير إلى نواكشوط حافياً أو عارياً.. باختصار كن مميزاً لتكن مشهوراً!
ثانياً: كن مصوراً سخيفاً
لا تضيع وقتك في التقاط معالم جمال الكون من حولك، بل احرص على استثمار موهبتك فيما يدخلك عالم الشهرة.. قم بتصوير جارك وهو يضرب أبناءه حتى الموت، أو عامل "البنشر" وهو يتعاطى لفافة حشيش، أو مجموعة فتيات يتسلقن سور الممدرسة، أو سائق حافلة مخمور قبل أن يرتطم بعمود النور، أو عدد من منسوبي "الهيئة" يطعنون فتاة حتى الموت وهم يتضحاكون ثم يلقون بجثتها في صندوق النفايات .. لا تنس أن تضيف إلى تسجيلك موسيقى مؤثرة وشيئاً من التعليقات السخيفة وانشر تسجيلك في موقع "اليوتيوب"، ولا تنس أن تسجل باسمك الحقيقي فباب الشهرة ينتظرك!
ثالثاً: تعلم فن الإثارة
يظن كثيراً من الناس أن الشهرة أمر يصعب الحصول عليه، وهذا وهم لا أساس له.. كل ما عليك هو أن تنشئ مدونة أو منتدى أو قناة على "اليوتيوب" أو حساباً في "الفيسبوك" أو "تويتر".. ثم ابحث عن أمر يخجل منه المجتمع أو يحرمه الدين أو يتنافى مع الفطرة السلمية أو يخالف الذوق العام.. ثم افتح حواراً واسأل: هل جرب أحدكم أكل الصراصير؟ أو هل سبق أن شربت من نافورة جدة؟ أو ما رأيكم في أربعة فتيات يتزوجن رجلاً ثم يكتشفن أنه جني؟ أو لماذا يفتي العلماء بجواز قتل النساء يوم السبت؟ أو ما حكم لبس الشراب الأسود في صلاة العيد؟ أو هل يجوز للطالب المبتعث أن يتزوج زرافة؟ وإن كنت تملك جرأة أكبر، فتكلم في أمور تتجاوز فيها الخط الأحمر الذي رسمه المجتمع، فعليك بقضايا تغيير الجنس والشذوذ الجنسي والاغتصاب، وتذكر أنه يمنع عليك أن تقدم حلولاً لأي مشكلة، فهذا ليس من شأنك وليس مما تهتم له.. فقط كن مثيراً لتصبح مشهوراً!
رابعاً: تعلم فن التلاعب بمشاعر الناس
تذكر أن أغلب الناس يحسنون الظن بك إلى درجة السذاجة أحياناً.. انتهز الفرصة وتلاعب بمشاعرهم لتضمن لنفسك مقعداً في عالم "النجومية".. اختر مجالاً يتناسب مع مزاجك العام وابدأ مشوارك..
أبرز نفسك كمتخصص في الطب "البديل"، ولا تترك عشبة خلقها الله دون أن تدعي أنك درستها وبحثت في أصولها، واستعن بعدد من البحوث العلمية من بولندا أو أوكرانيا أو أنغولا أو أية دولة أخرى لا يجيد أحداً من جمهورك لغتها، ثم قل للناس إنك اكتشفت علاجاً للسرطان والسيلان وإنفلونزا الطيور والخنازير وحمى الوادي المتصدع والعجز الجنسي..
أو قدم نفسك أنك شيخ عالم في تفسير الأحلام، وإياك أن تقول "لا أدري"، ولا تنس أن تبدي على قسمات وجهك شيئاً من الخشوع والتقوى، ولا تهتم، فكل الناس عندهم "عين" أو "هموم" أو "شخص قريب منك سيموت" أو "مال يأتيك" أو "دين يزعجك..".
أو احجز لنفسك برنامجاً فضائياً وتكلم عن السنة النبوية.. لكن اختر المادة العلمية التي تبرزك إنساناً معتدلاً.. فلا تقل كل ما تعلم ولا تزعج الناس بكل ما هو واجب أو حرام.. اذكر لهم قصصاً وموضوعات عاطفية فيها الحب والإحسان وبناء الفرد في العموم ولا تنس تلك الموسيقى الهادئة ولا بأس بعدد من الحضور واحرص أن يكونوا شباباً وفتيات.. وأمر أخير.. لا تكن ذا لحية كثة، فلسبب ما اللحية الكثة تنفر الناس منك..
أو أنشئ مؤسسة لحماية حقوق المرأة، ولا يهم أن تفعل شيئاً بل المهم أنك تسلط الضوء عليك، وتفعل ذلك بسهولة حين تدعي أنك تنصر المرأة في هذا المجتمع الغاشم الظالم..
هناك اختيارات عديدة في هذا الباب.. كن ذكياً في التلاعب بهم وسيجعلك الناس نجماً!
خامساً: كن منحرفاً
هذه لا شك أسهل طريقة ولا تحتاج إلى مزيد من الإيضاح وأمثلتها لا تحصر.. إن كنت مديراً لجامعة ما، فاعمل جاهداً على مراعاة كل طالب بينك وبينه نسب أو صهر أو رحم أو تشابه في الاسم أو تقارب في اللون أو انتماء لنفس القبيلة أو الحارة أو الرمز البريدي.. وإن كنت قاضياً فأمرك هين وكل ما عليك أن ترمي بشخص واحد فقط في ظلمات السجن دون محاكمة وإياك أن تتراجع عن قرارك مهما ذكروك بالله واليوم الآخر.. وإن كنت إعلامياً فكن منافقاً أو متزلفاً فوق حد الاحتمال، ولا تنس أن تستغل بنات الناس في ترويج مادتك الإعلامية في نفس الوقت الذي تحافظ فيه على كرامة وشرف بناتك.. وإن كنت أمين بلدية مدينة ما فكن كالنار تأكل الأخضر واليابس ولا تبق شيئاً.. كما قلت هي أسهل طريقة لكن لا تنس أن تقدم تصريحاً في وسائل الإعلام تتبرأ فيه من كل اللصوص والخونة والسفلة ثم احجز مقعداً إلى أقرب أو أبعد دولة وتمتع بشهرتك هناك..
سادساً: تعلم لعبة التحولات
لعل هذه أخطر الطرق وأكثرها تعقيداً، لكن الشهرة التي تأتيك من ورائها تفوق كل توقعاتك..
ما عليك أن تفعل هو أن تبدأ تدريجياً في تبني منهج ديني أو فكري أو اجتماعي، وتكون سمات هذا المنهج القوة في الطرح ولا بأس بشيء من الشدة في الأسلوب.. يتجمع حولك عدد ممن "المريدين" ويتكون لديك جمهور مخلص يقرأ لك ويسمع لك ويدعو إلى ما تقول.. تنبه أن المجتمع في غالبه لا يسمع لك، فأسلوبك قاس وفيه شدة غير مقبولة.. وهذا مطلوب في هذه المرحلة.. أنت تتمتع بالصبر وطول النفس وبعد النظر ولا يزيدك نفور أغلب الناس منك إلا تمسكاً بأسلوبك وطريقتك.. تستمر على نهجك لسنة أو سنتين أو عدد من السنوات حسب ظروف المجتمع من حولك.. ثم تختفي عن الساحة لمدة زمنية معينة..
في البداية يسأل الناس عنك وفي النهاية ينسوك.. ثم تظهر فجأة.. مريدوك ينتظرون منك بياناً والناس لا يلقون لك بالاً، لكنك تتكلم وفي أسلوبك لين غير معتاد وفي مقالاتك أفق رحب فوق الحاجة، وفي كتبك توسيع على الناس إلى درجة الخلل، وعلى وجهك ابتسامة لا تفارق وجهك إلى درجة الإملال.. يتباعد عنك من كان حولك.. ويتقبلك سائر الناس بشغف.. أنت في نظرهم الآن معلم ملهم ورمز للاعتدال والوسطية.. لا يهم ما هو المنهج أو نوعه.. ربما كنت داعية إسلامياً أو مفكراً ليبرالياً أو كاتباً حداثياً.. كلها توصل إلى النجومية.. أتقن لعبة التحولات وأعدك لن تفارقك أضواء الفضائيات والمنتديات!
سابعاً: كن مشهوراً تقليدياً
ليس هناك أي إبداع في هذه الطريقة.. كل ما يهم أن تكون لبقاً في كلامك و أنيقاً في مظهرك.. ثم مارس الغناء أو الرقص أو إلقاء النكت السمجة أو تقليد أصوات المشهورين ولو كانوا أمواتاً أو من غير فصيلة البشر، أو كن مهرجاً يلعب بالكرات أو السكاكين الحادة أو الأطباق البلاستيكية.. ستكون مشهوراً لكن شهرتك هذه لا تدوم طويلاً، فالناس تمل منك إن كنت تقليدياً.. لكنه يظل باب للشهرة مفتوح لكل من فشل في الطرق الأخرى..
***
الشهرة أمر بحث عنه الناس قديماً وحديثاً..
تذكر لنا كتب التاريخ قصة رجل أعرابي جاء إلى مكة في موسم الحج ثم دنا من بئر زمزم وبال فيه، ولما أمسك به الناس وسألوه عن فعلته قال: أحببت أن يذكرني الناس ولو باللعنات!
حب الشهرة يعمي ويصم.. وأنت بالخيار..
هل تسمع لنصح أبيك وأمك وخطيب الجمعة وطالب العلم.. أم أنك تنهج منهج الأعرابي!؟
تذكر.. في كلا الحالين ستصبح مشهوراً!
هل أعجبك الموضوع ؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق
لا الله الي الله محمد رسول الله